تضييق الخناق على فلسطينيي 48
قراءة في سلسلة من مشاريع القوانين العنصرية الجديدة
تشهد الأيام الأخيرة حملة شرسة وسباقاً بين الأحزاب اليمينية الصهيونية المتطرفة لتقديم مجموعة مشاريع قوانين إلى البرلمان (الكنيست) الصهيوني، تستهدف التضييق على العرب الفلسطينيين المقيمين داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1948، وتحديد حرياتهم الفردية وحرمانهم من حرية التعبير عن مشاعرهم تجاه الدولة العبرية.
وبدأت الحملة باقتراح قانون يمنع الفلسطينيين من إحياء ذكرى "النكبة" التي حلت بهم وأدت إلى تشريد أعداد كبيرة منهم حين طردتهم العصابات الصهيونية من مدنهم وقراهم في العام 1948 إلى أماكن أخرى في فلسطين أو خارجها، ويفرض القانون العنصري الجديد عقوبة بالسجن الفعلي لمدة أقصاها ثلاث سنوات على كل من يخالفه.
أما مشروع القانون الثاني ضمن الحملة العنصرية الجديدة فقد تقدم به عضو "الكنيست" الصهيوني "زبولون اورليف" من حزب "البيت اليهودي" المتطرف وهو يقضي بالسجن لمدة سنة واحدة على من يرفض وجود "الدولة الإسرائيلية اليهودية الديمقراطية".
وصادقت "الكنيست" بقراءة عاجلة وبكامل هيئاتها على مشروع قانون "اورليف" الذي يقضي بفرض عقوبة السجن لمدة سنة على من ينشر أفكاراً ترفض الاعتراف بدولة "إسرائيل" "كدولة يهودية ديمقراطية" وذلك إذا كان مضمون النشر ينطوي على إمكانية أن تؤدي الدعوة أو النشر إلى "القيام بأفعال كراهية أو تحقير أو عدم ولاء للدولة أو لسلطات الحكم المختلفة أو المحاكم وسيادة القانون".
وأثناء تقديم الاقتراح للبرلمان ربط "اورليف" بين القانون المقترح وبين قضية النائب السابق "عزمي بشارة" الذي غادر البلاد بعد اتهامه بعدة "مخالفات قانونية" منها زيارة دول "عدوة". وقال "اورليف" : "هذه القضية تعلمنا أن التصريحات سرعان ما تصبح أفعالاً فتصريحات عزمي بشارة التي لا تنقطع ضد هوية "إسرائيل" كدولة يهودية، سرعان ما تطورت إلى زيارات إلى بلدان معادية، مثل سوريا ولبنان، وذلك رغم الحظر المفروض على زيارة الدول المعادية وقيامه بنقل معلومات ومساعدات إلى العدو أثناء حرب لبنان الثانية العام 2006"، واختتم قائلاً: "إن طابع دولة "إسرائيل" كيهودية وديمقراطية ينبغي أن يصان".
وتمت في النهاية المصادقة على القانون في البرلمان الصهيوني بموافقة 47 نائباً ومعارضة 34، وامتناع نائب واحد، رئيس البرلمان "روبين ريفلين"، رغم معارضة بعض النواب العرب واليهود والصراع الكلامي الشديد الذي دار بينهم وبين المؤيدين للاقتراح.
وثمة مشروع قانون آخر سيعرض للمصادقة يوم الأحد(1/6) المقبل أمام اللجنة الوزارية للتشريع والقانون هو اقتراح عضو البرلمان "دافيد روتيم" من حزب "إسرائيل بيتنا" الذي يرأس اللجنة. ويلزم مشروع القانون المقترح جميع مواطني "إسرائيل" بأداء قسم الولاء للدولة كشرط للحصول على الجنسية الإسرائيلية.
وينص الاقتراح: "على كل من يطلب الجنسية "الإسرائيلية" الالتزام بالإخلاص لدولة "إسرائيل" كدولة يهودية وديمقراطية، لقيمها ورموزها والاستعداد لأداء الخدمة العسكرية أو أي خدمة وطنية بديلة". وعلل "روتيم" مشروعه بالقول: "في السنوات الأخيرة تبين أن المواطنين في الدولة ليسوا موالين لها ولقيمها ورموزها، وبعضهم يتملص من الخدمة العسكرية والخدمة الوطنية، وهذا القانون يأتي لتقوية الولاء للدولة وقيمها ورموزها والخدمة العسكرية والقانونية".
ومن المتوقع أن يكون هذا الاقتراح موضع خلاف أشد من غيره من القوانين، إذ أعلن أعضاء بعض الكتل البرلمانية أنهم سيعارضون الاقتراح إذا عرض على التصويت، وبدأت ترتفع بعض الأصوات المعارضة لهذا القانون الذي وصف بـ "العنصري".
ولم ينته الأمر عند هذا الحد، إذ تشير المعلومات المنشورة في الصحف العبرية إلى وجود قائمة طويلة من الاقتراحات التي يتم تحضيرها وتقديمها للجنة الوزارية المختصة في القريب العاجل، ومن بينها وأهمها مشروع القانون الداعي لتغيير القانون الأساس في الدولة، قانون "الكنيست" وفي حين يلزم القانون الحالي أعضاء البرلمان الصهيوني بالحفاظ على "الولاء لدولة إسرائيل"، يقترح مشروع القانون الجديد إضافة الكلمات "كدولة يهودية، صهيونية وديمقراطية ولقيمها ورموزها". وهناك اقتراح آخر بإلزام الوزراء أيضا بأداء قسم شبيه.
وعلى القائمة اقتراحات لقوانين جديدة أخرى، منها اقتراح كان سبق أن قدمه وزير الخارجية الحالي اليميني المتطرف "افيغدور ليبرمان" لـ"الكنيست" الـ 17 (2006) ويعمل أعضاء حزبه الآن على إعادة تقديمه، ويسعى الاقتراح إلى تغيير قانون المواطنة "الإسرائيلية" بحيث تعطى لوزير الداخلية "صلاحية سحب حق المواطنة من أي مواطن "إسرائيلي" إذا اقتنع الوزير بأنه يعمل ضد دولة "إسرائيل" كدولة يهودية أو ضد الشعب اليهودي".
يضاف إلى هذه المشاريع مشروع قدم في الماضي أيضاً، ووضع على طاولة البرلمان الصهيوني قبل شهر تقريباً، لتعديل قانون الخدمة الأمنية، من خلال إلزام من لا يؤدي الخدمة العسكرية أو المدنية بدفع ضريبة خاصة ويقترح المشروع في الإيضاحات المرفقة به "إلزام المتملصين من الخدمة العسكرية أو المدنية بدفع ضريبة بمعدل 1 في المائة من دخلهم السنوي حتى وصولهم إلى 41 سنة".
ومن الواضح أن هذا القانون يخص بشكل مباشر العرب في "إسرائيل" بمختلف طوائفهم وفي رد فعل سريع، قررت لجنة المتابعة العربية العليا، وهي لجنة تتألف من رؤساء البلديات والمجالس المحلية العربية، عقد اجتماع طارئ يوم السبت (30/5) لمناقشة اقتراحات القوانين التي قدمها في الأيام الأخيرة إلى البرلمان الصهيوني نواب من الكتل اليمينية المتطرفة كما ستبحث اللجنة في الإجراءات الاحتجاجية التي يجب اتخاذها لوقف تنفيذ هذه القوانين وأصدرت اللجنة أيضاً بياناً ينتقد بشدة مشاريع القوانين المقدمة وعلى رأسها مشروع قانون "النكبة" الذي اقترحه عضو البرلمان المتطرف "اليكس ميلر" من حزب "إسرائيل بيتنا".
وهكذا تستمر معاناة فلسطيني 48 بين يمين صهيوني متطرف يحاول بكل طريقة أن يهجرهم من أرضهم وبيوتهم، وسلطة "فلسطينية" في رام الله تعمل على ما يسمى بـ"مشروع تبادل الأراضي" والذي تهدف "إسرائيل" من خلاله إلى التخلص من الكثافة العربية في الجليل والمثلث والحصول مقابل ذلك على مناطق في القدس ما سيؤدي إلى نكبة جديدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق