الله أكبر ولله الحمد

هذه المدونة تعبر عن رأي محررها فقط

الله أكبر ولله الحمد

الثلاثاء، 26 مايو 2009

لقاء مع سماحة الشيخ الدكتور عكرمة صبري

لقاء مع سماحة الشيخ الدكتور عكرمة صبري

المصدر موقع مدينة القدس


مقابلة حصرية مع سماحة الشيخ الدكتور عكرمة صبري: خطيب المسجد الأقصى المبارك ورئيس الهيئة الإسلامية العليا

كنت طفلاً أسكن بجوار المسجد الأقصى المبارك حينما استمعت له لأول مرة وهو يخطب بالمُصلين من على منبر الأقصى، وكان منذ البداية حاداً وعنيفاً ضد الاحتلال الصهيوني وأعوانه وسماسرة الأراضي.

شدّ إليه المُصلين... ورأوا فيه خطيباً وإماماً جديداً قريباً من نبض الشارع... ومُعبراً بصدق عن مشاعر المواطنين الفلسطينيين، وخاصة المُصلين منهم برحاب الأقصى الطاهرة.

ودفع ثمن مواقفه الصادقة والجريئة بملاحقة أجهزة الاحتلال من شرطة ومخابرات وأمن، والسجن وحظر السفر وما إلى ذلك... وفي كل مرة كانت تزداد صلابته وجرأته ومواقفه الحُرّة والوطنية الشجاعة من جهة، ومن رصيده الذي تعاظم بين المواطنين من جهة أخرى حتى بات المرجعية العلمية والدينية للجميع.

وبالإضافة إلى دوره الرائد في إنشاء مدارس رياض الأقصى الإسلامية والمدرسة الشرعية في الأقصى المبارك، فان له بصمات كبيرة وكبيرة جداً في معظم المؤسسات المقدسية العلمية والثقافية والاجتماعية والصحية والشبابية، فضلاً عن دوره البارز والهام في الهيئة الإسلامية العليا وهيئة علماء ودعاة فلسطين، والكثير من الهيئات والجمعيات، بالإضافة إلى مكانته الرفيعة في العديد من الهيئات والمؤسسات العربية والإسلامية والعالمية.

ولم يكتف شيخنا بدوره داخل القدس والوطن، بل سافر أصقاع الدنيا لشرح قضية وطنه ومدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك، فكان عنواناً بارزاً لهذه الموضوعات، وكان محطّ اهتمام مختلف الوسائل والهيئات البحثية والعلمية والإعلامية كمرجعية هامة للقدس والأقصى المبارك.

ولم يكن بُداً في بدايات تأسيس السلطة الفلسطينية من وضع الشيخ الجليل في موقعه الذي يستحق كمفتٍ عام للقدس والديار الفلسطينية، ويُسجّل له تصميمه على جعل مقره كمفتٍ عام داخل المسجد الأقصى رغم اعتراضات سلطات الاحتلال ومواجهاتها معه فكان له ما أراد...لكنه دفع ثمن مواقفه الجريئة والصلبة وتم إبعاده عن موقعه كمفتٍ عام لفلسطين، ولكن... مكانته لم تتأثر ولم تثبط عزيمته أو همته؛ فزاد نشاطه وزادت جولاته وأبحاثه ودراساته وتعددت جوانبها حتى باتت تشمل الهمّ الفلسطيني بالقدس بعامة.

ولا يمكن لأي إعلامي أو صحفي أو باحث أو دارس لشؤون وأوضاع القدس أن يقف على حقيقة الأمور في المدينة دون الرجوع إلى أحد أبرز رجالاتها الإعتبارية وشيخها الجليل سماحة الشيخ الدكتور عكرمة صبري خطيب المسجد الأقصى المبارك ورئيس الهيئة الإسلامية العليا.

وحينما التقيناه، سعد بنا وبالمؤسسة التي نذرت نفسها لخدمة القدس وقطاعاتها المختلفة وخاصة القضايا المتعلقة بالمسجد الأقصى وتثبيت صمود المواطنين المقدسيين فيها، وفتح، كعادته، صدره لنا مُجيباً عن استفساراتنا وأسئلتنا.



في ظل سياسة التهويد التي ارتفعت وتيرتها في الفترة الأخيرة وفي ظل الصمت العربي الرسمي والشعبي كيف يمكن لسماحتكم أ ن تقيم الوضع في مدينة القدس؟


الوضع العام في القدس هو الأخطر منذ سنوات الاحتلال الممتدة منذ سنوات طويلة، فسلطات الاحتلال تستغل حالة الانقسام الفلسطيني والوضع العربي والإسلامي المُتفرج والمتخاذل، والوضع الدولي المُنافق.

ومدينة القدس تتعرض اليوم للتهويد أكثر من أي وقت مضى، وتخضع لهجمة استيطانية صهيونية قد تغير معالمها تماماً في حال استمرار الأوضاع الحالية حتى عام 2020م.

كما بيّنت إجراءات الاحتلال الصهيوني الأخيرة تصاعداً غير مسبوق في عمليات تغيير الوقائع بالقدس، فرغم تزايد أعداد السكان الفلسطينيين بنسبة 400% منذ عام 1967، إلا أن نسبة سكان القدس من العرب اليوم لا تتجاوز 35%، والاحتلال يسعى لأن تصبح هذه النسبة 15% بحلول 2020م. فسلطات الاحتلال "الإسرائيلي" أخطرت منذ بداية العام الحالي مئات المواطنين الفلسطينيين في مدينة القدس بقرارات الهدم لمنازلهم، أما بلدية الاحتلال في القدس والتي يرأسها يميني متطرف، وبمعاونة الحكومة اليمينية الصهيونية المتطرفة بدأت مؤخراً في تنفيذ سلسلة من الإجراءات التي تهدف لتفريغ المدينة من سكانها الشرعيين من خلال أوامر الهدم الجماعي التي صدرت بحق سكان القدس وبخاصة سكان أحياء: البستان في بلدة سلوان، والشيخ جراح، والعباسية، وراس خميس، وجبل الزيتون وهي الأحياء التي تقع ضمن ما يسميه اليهود "الحوض المقدس"، والتي تشير إلى أن السلطات المحتلة ماضية وعازمة على تهويد مدينة القدس مستغلة بذلك الانقسام الفلسطيني، والأوضاع العامة في البلاد العربية، وإن إطلاق اسم مدينة داود على بلدة سلوان هو اعتداء على حقوقنا الشرعية، لأن إطلاق الاسم يعني أن بلدة سلوان تعود لليهود، مع التأكيد أننا كمسلمين نؤمن ونعتقد بأن سيدنا داود عليه السلام هو نبي، وقد ورد ذلك في القرآن الكريم، أما اليهود فإنهم يعدونه ملكا فقط، وقد أساؤوا إليه كثيرا فهو بريء منهم أصلاً.

ومخططات الاحتلال العدوانية والعنصرية، تجري بوتيرة عالية بهدف تهويد مدينة القدس والسيطرة ووضع اليد على المسجد الأقصى المبارك.

أما الحفريات والأنفاق التي تشقها سلطات الاحتلال بالتعاون مع الجماعات اليهودية المتطرفة، فهي اعتداء المباشر على الأوقاف الإسلامية، لأن المناطق المحيطة بالمسجد الأقصى المبارك هي أراضٍ وقفية، و هذه الحفريات أدت كذلك إلى تصدع وانهيار عدة بيوت ومدارس في البلدة القديمة وفي بلدة سلوان جنوب الأقصى فالأنفاق تجري أسفل بلدة سلوان باتجاه المسجد الأقصى من الجهة الجنوبية، وهناك أنفاق أخرى من الجهة الغربية أسفل البلدة القديمة تسير باتجاه المسجد الأقصى المبارك أيضاً.

كما إننا نحذر من استمرار سلطات الاحتلال في مخططاتها لاستكمال فصل الجزء الشمالي من الضفة الغربية عن جزئها الجنوبي. من خلال نزع جيش الاحتلال مؤخراً ملكية 1100 دونم من الأراضي الفلسطينية في محيط مدينة القدس، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى عزل آلاف الفلسطينيين عن المدينة المقدسة ومحاصرتها فالمشروع الاستيطاني يدعو إلى القلق البالغ.



مع تعالي الأصوات المتطرفة المطالبة بهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم ومع أن حفريات لم تعثر على أي حجر له علاقة بالتاريخ العبري اليهودي القديم فما حقيقة خُرافة الهيكل المزعوم وما يسمى بمدينة داود ؟..

إن هيكل سليمان (معبد سليمان) لا أثر له في مدينة القدس المحتلة، ولا دليل على وجوده، وأن الحفريات "الإسرائيلية" لم تعثر أصلاً على أي حجر له علاقة بالتاريخ العبري اليهودي القديم، واعترف بذلك خبراء يهود أنفسهم كما أن اليهود لا يستطيعون تحديد موقع هذا الهيكل المزعوم وهم مختلفون فيما بينهم على تحديد موقعه، أما سيدنا داود عليه السلام فإن القران الكريم لم يذكر أنه دخل مدينه القدس مع الإشارة إلى أننا كمسلمين نؤمن ونعتقد بأنه نبي في حين أن اليهود يعدونه ملكاً فقط وليس نبياً وهو قد تبرأ منهم بصريح القران الكريم.

أما بالنسبة إلى دخول سيدنا داود عليه السلام إلى فلسطين أو عدم دخوله فهذا أمر لا نستطيع أن نؤكد ولا أن ننفيه لأن القرآن الكريم لم يذكر ذلك".

ونحن اليوم نشعر بالرضا ونثمن التحرك الشعبي الفلسطيني في القدس وفي المناطق المحتلة عام 48 عند محاولة المتطرفين اليهود استغلال الاحتفال بما يسمى عيد الفصح العبري لاقتحام المسجد الأقصى المبارك ، ولكن الأخطار في حقيقتها أكبر من طاقات شعبنا، لذا لا بد أن تتحمل الأنظمة العربية والإسلامية مسؤولياتها تجاه القدس من أجل إنهاء الاحتلال عنها وخوض معركة العروبة والإسلام فيها لمواجهة معركة التهويد.

فأهل فلسطين يقومون ضمن إمكانياتهم وطاقاتهم بالدفاع عن القدس والأقصى ولكن هذا لا يوازي حجم الأخطار المحدقة بهم، أما على المستوى العربي والإسلامي فالمطلوب هو العمل على إنهاء الاحتلال "الإسرائيلي" وهذا واجب على كل عربي ومسلم ومن واجبهم أيضاً وضع ميزانية سنوية لمدينة القدس لا تقل عن خمسمائة مليون دولار سنوياً لتغطية المجالات الصحية والتعليمية والتربوية والثقافية والسياحية والسكنية والإسكانية وغيرها..

و من الطرق المشروعة للحفاظ على المسجد الأقصى مشروع البيارق ومشروع شدّ الرحال الذي تنظمه مؤسسة البيارق ومؤسسة الأقصى والحركة الإسلامية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1948م، من خلال تسيير الحافلات إلى مدينة القدس وتنشيط الحركة التجارية في أسواقها.

من موقعكم كخطيب للمسجد الأقصى ما الإجراءات الواجب اتخاذها للحفاظ على مدينة القدس؟

الخلاف الفلسطيني ـ الفلسطيني منح الاحتلال مزيداً من حرية الحركة للانقضاض على القدس والمقدسات والممتلكات،
ولكن أما آن لهذا الخلاف أن ينتهي؟
ألا توجد قواسم مشتركة تجمع الشعب الفلسطيني بمختلف أطيافه وأحزابه وفصائله؟
ولماذا لا نستفيد من تجارب الشعوب الأخرى، والتي مرت بمراحل أشدّ وأقسى من الأوضاع التي مرّ بها الشعب الفلسطيني واستطاعت هذه الشعوب أن تتجاوز خلافاتها؟.
وأنا اليوم أحض الشعب الفلسطيني في مدينة القدس المحتلة وفي عموم الوطن والشتات والمهجر على ضرورة تحقيق وحدة الصف والموقف، والتمسك بالثوابت، ووضع إستراتيجية لمواجهة المؤامرات التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، وتصفية قضية اللاجئين بشكل خاص، وأن تكون قراراتنا قرارات ذاتية مستقلة لا تخضع لأي ضغوطات دولية.
ونحن نحي ثبات وصمود شعبنا في غزة الصمود، غزة العزة، غزة الكرامة، كما أُثني على الجهود المباركة التي بذلتها الجاليات الفلسطينية والعربية في الشتات وفي المهجر بإحياء القضية الفلسطينية في نفوس وعقول أبنائهم وأحفادهم والأجيال الصاعدة، وللتبرعات والمساعدات التي تقدمها للشعب المرابط في أرض فلسطين.


في ظل استمرار الاعتداءات والحملات على الإسلام ورموزه ماذا تقولون للذين يقومون بالإساءة إلى الأديان تحت ستار حرية التعبير ؟

نحن نحذر من استمرار الحملات العالمية المناهضة للدين الإسلامي في بعض الدول أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية تحت مظلة مبادئ حرية التعبير والرأي مما يؤدي إلى ردود فعل غاضبة وبث الكراهية للمسلمين وامتهان مشاعرهم في هذه البلدان .
والقرار الذي أصدره مجلس تابع إلى الأمم المتحدة مؤخراً بشأن إدانة الإساءة إلى الأديان بوصفه انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان ليس كافياً كونه غير مُلزم ولا يرقى إلى المستوى المطلوب لمعاقبة الذين يقومون بالتحريض ضد المعتقدات والمذاهب الدينية .

كما أن العام الحالي شهد ارتفاعاً ملحوظاً في التصريحات المناهضة للإسلام والمسيئة إلى شخص الرسول سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ، وذلك عن طريق عدد من النواب البرلمانيين والباحثين والرسامين الأوروبيين والأمريكيين مع الإشارة إلى أن التاريخ الإسلامي المشرف كان حافلاً بالمواقف والأحداث الداعمة للتسامح والمحبة بين أصحاب الديانات الأخرى، ومن أبرزها العهدة العمرية التي رسّخت التعايش الإسلامي والمسيحي في بيت المقدس.


أطلقت فعاليات الاحتفال بالقدس عاصمة للثقافة العربية رغم كل محولات الاحتلال لتضيق على المواطنين ومنعهم من ذلك ما هي رسالتكم للمحتفلين بهذه المناسبة؟


القدس تستحق أن تكون عاصمة للثقافة العربية للأبد، وليس لعام واحد فقط"، و أهالي القدس تفاعلوا مع هذا الحدث رغم التضييفات الصهيونية.
ولكن تراث القدس ليس دبكة شعبية تقام في احتفال بل نحن بحاجة للتركيز على التاريخ الثقافي والحضاري والعلمي للقدس، التي سكنها كبار علماء الأمة وألفوا عددا من أهم المؤلفات فيها، لاسيما الغزالي وابن قيم الجوزية وابن تيمية والعز بن عبد السلام وغيرهم كثير.



في ظل المضايقات من سلطات الاحتلال ما هي أهم الأعمال التي قامت بها الهيئة الإسلامية العليا مؤخراً في القدس؟

نحن نتعرض للمضايقات متعددة ومتواصلة من سلطات الاحتلال ، وهذه ضريبة الرباط في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، ومن واجبات الهيئة الإسلامية العليا بالقدس، وهيئة العلماء والدعاة في بيت المقدس فلسطين متابعة ما يحصل تجاه المسجد الأقصى المبارك والأوقاف بخاصة، ومدينة القدس بعامة رغم كل المضايقات.
و الهيئة الإسلامية العليا قامت مؤخراً تشكيل لجنة البيوت والأملاك من رجال الإصلاح والمحامين المختصين من أجل حماية البيوت والأملاك بشكل عام في مدينة القدس، كما تم عقد عدة اجتماعات عامة للمؤسسات المقدسية وللشخصيات الاعتبارية لبحث الأوضاع العامة التي تتعلق ببلادنا المباركة المقدسية، بالإضافة إلى عقد عدة مؤتمرات صحفية لهذه الغاية وإصدار العديد من البيانات عنهما.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق